الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الإعلامي المنصف بن مراد يطرح تساؤلات خطيرة

نشر في  21 جوان 2017  (10:44)

إذا كنّا نعترف بأنّ هناك تحسّنا طفيفا في اقتصادنا، وكذلك مجهودات ملحمية لجنودنا وحرسنا وأمنيينا لكسر شوكة الارهاب، فهناك أيضا تساؤلات حارقة تتعلّق ببعض المواضيع الهامّة..
البداية تتمحور حول بعض الأحكام القضائيّة الخاصّة بقضايا ارهابية.. فهل يعقل ان يطلق سراح «وشواشة» بعد ان عثر لديه عن 17 بندقيّة ادّعى انه كان يعتزم بيعها في الجزائر؟.. فما هي الأدلّة المقنعة التي قدّمها للمحكمة وتثبت انّ الهادي يحيى (وشواشة) كان سيفوّت فيها فعلا في الجزائر؟ وكيف يمكن أن تكون ردّة فعل الحكومة الجزائريّة بعد أن أصبحت تونس أرض عبور للأسلحة؟
انّ الرأي العام يطرح أكثر من سؤال حول اطلاق سراح هذا الشخص علما انه لا يمكن حماية حياة جنودنا وأمنيينا وحرسنا بجميع اصنافهم ومراتبهم اذا كان هناك «تفهم» لمزاعم كبار المهرّبين وحتى بعض الارهابيين!

كما انّ هناك شعورا بالامتعاض وبعض كبار السياسيين المتهمين بخدمة شفيق جراية  ثابتون في مواقعهم ولم تقع إقالتهم من أحزابهم بل انّ بعضهم تحالفوا مع النهضة وكوّنوا لجنة تنسيق حتى يُفشلوا كل التتبعات القضائيّة ويؤكدوا للسيد يوسف الشاهد انهم قادرون على اسقاطه اذا حاول معرفة الحقيقة حول علاقة شفيق جراية وغيره من كبار المهرّبين والخونة مع بعض السياسيين، أو حاول التحري في الجمعيات التي تزعم أنّها خيرية وهي في الواقع مموّلة من قطر، فهذه خطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها، علما انّ الانتخابات الفارطة لم تكن نزيهة لأنّ «المال الأجنبي» سمح بشراء مئات آلاف الأصوات! ثم هناك الأحكام الصادرة ضد قتلة سقراط الشارني والتي تتراوح ما بين سنتين وعشرين سنة، فأجزاء من الرأي العام كانت تنتظر أحكاما بالاعدام، مع الإشارة إلى  انّ الشهيد وقع قتله بعد الغدر به من قبل الارهابيين!
على صعيد آخر فانّ عدم تعيين مؤتمن عدلي على أملاك شفيق جراية وكبار المهرّبين من قبل القضاء، حتى وان كان منطقيا من حيث الشكل، فهو يطرح سؤالا سياسيا جوهريا: هل يجب تقديم كل القضايا المتعلّقة بالارهابيين وكبار الفاسدين للمحكمة العسكريّة لأنّ أمن البلاد في خطر؟ رغم انّ بعض «الحقوقيين» يدافعون بشراسة عن قتلة جنودنا وأمنيينا وحرسنا وهم يتفاخرون بذلك في الاعلام، أعتقد انّ القضاء العسكري قادر ـ وحده ـ على محاكمة الارهابيين وإلاّ تواصلت العمليات الارهابيّة دون أن تجد الرّدع القانوني  الصارم والملائم.

وتتواصل تساؤلات الشارع التونسي وفي هذه المرّة حول اللافتة المرفوعة خلال نهائي الكأس بين اتحاد بن قردان والنادي الافريقي.. لقد كان على الأمن ألاّ يسمح برفع هذه اللافتة التي تتهم القادة العرب «بمحاصرة قطر وفي الآن نفسه عدم شنّ حرب على اسرائيل».. أول ملاحظة بهذا الشأن تمحور حول «الجهات» التي موّلت قلّة قليلة من أحبّاء الافريقي حتى يسرّبوا هذه اللافتة الى داخل الملعب ويتمّ رفعها.. هل ينتمون لحزب؟ هل هم متعاطفون مع قطر؟ هل وقع شراء ذممهم لإعداد هذه اللافتة؟ انّ الزجّ بالسياسة في الرياضة أمر في منتهى الخطورة وبالتالي ليس من حقّ رئيس الافريقي الدّفاع عمّن أعدّوا هذه اللافتة والتشدّق بالدستور وبحرية التعبير! فما هذا يا سي الرياحي؟!
وإذ نندّد بشتم رئيس الجمهورية خلال هذه المقابلة  فانّه من حقّنا أن نتساءل لماذا تصرّف جمهور الافريقي على ذلك النحو واستعمل عبارات بذيئة تنمّ عن «قلة حياء».
ملاحظة أخيرة أسوقها لقرّائنا وقارئاتنا: يبدو لي أن السياسة الخارجيّة  التونسية اصبحت من مشمولات النهضة دون سواها ويكفي ان نذكر في هذا  السياق بأنّ موقف الحكومة التونسية (لم أقل موقف تونس) من القضية الليبية متطابق ـ تماما ـ مع موقف حزب النهضة حيث يحثّ على مواصلة التعامل مع حزب عبد الحكيم بلحاج واعتباره درعا لحماية تونس من داعش في حين انّ حزب بلحاج ما هو سوى حزب عنيف بأيدي الاخوان المسلمين وقطر استقبل في مرحلة أولى الارهابيين التونسيين المتجهين الى سوريا.. أمّا الدليل الثّاني فيتعلق بموقف تونس من الأزمة الخليجية فتونس ـ شأنها شأن النهضة ـ تدعو الى التحاور، وأعتقد انّ رئيس الجمهورية ما انفكّ يطبق السياسة النهضوية الخارجية باسم الحياد، وان كنّا جميعا نعرف من يساند التنظيم الاخواني العالمي ومن موّل تدمير ليبيا وسوريا ومن يؤثّر على السياسة التونسية، وكم يؤلمنا ان تصبح لنا مواقف متذيلة بعد أن كانت السياسة الخارجيّة في عهد بورقيبة تتّسم بالرّصانة وخدمة تونس فقط بفضل وزراء كانوا رجال دولة على غرار محمد بدرة والمنجي سليم والهادي مبروك ومحمود المستيري ومحمد المصمودي والحبيب بن يحيى دون نسيان دور الباهي لدغم في حل الخلاف الذي نشب بين النظام الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية، يكفي أن نذكّر بذلك  حتى نذكر انّ ديبلوماسيتنا تقزّمت وأنّ سياستنا الخارجية باتت توظف لفائدة الأحزاب واللوبيات.